سورة يس - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يس)


        


ألم يروا ما فعلنا بمن قبلهم من القرون الماضية، وما عاملنا به الأمم الخالية، فلم يرجع إليهم أحد، فكلُّهم في قبضة القدرة، ولم يَفُتنا أحدٌ، ولم يكن لواحدٍ منهم علينا عونٌ ولا مَدَدٌ، ولا عن حكمنا ملتحد.


لمَّا كان أمرُ البعث أعظمَ شُبَهِهِمْ، وكَثُرَ فيه إنكارُهم كان تكرارُ الله سبحانه لحديث البعث، وقد ضَرَبَ- سبحانه- المَثَلَ له بإحياء الأرض بالنبات في الكثيرمن الآيات. والعَجَبُ مَمَّنْ يُنْكِر علومَ الأصول ويقول ليس في الكتاب عليها دليل! وكيف يشكل ذلك وأكثر ما في القرآن من الآيات يحث على سبيل الاستدلال، وتحكيم أدلة العقول؟ ولكن يَهْدِي اللَّهُ لنوره من يشاء. ولو أنهم أنصفوا من انفسهم، واشتغلوا بأهم شيءٍ عندهم لَمَا ضَيَّعوا أصول الدِّين، ولكنهم رضوا فيها بالتقليد، وادَّعَوْا في الفروع رتبةَ الإمامة والتصَدُّر.. ويقال في معناه:
يا مَنْ تَصَدَّرَ في دستَ الإمامة في *** مسائل الفقه إملاءً وتدريسا
غَفَلْتَ عن حججِ التوحيد تُحْكِمها *** شيَّدتَ فرعاً وما مَهَّدَتَ تأسيسا


تُنَبِه هذه الآيةُ على التفكُّرِ في بديع صُنْعِه؛ فقال: تنزيهاً لِمَنْ خَلَقَ الأَشياء المتشاكلةَ في الأجزاء والأعضاء، من النبات، ومن أنفسهم، ومن الأشياء الأخرى التي لا يعلمون تفصيلها، كيف جعل أوصافَها في الطعوم والراوئح، في الشكل والهيئة، في اختلاف الأشجار في أوراقها وفنون أغصانها وجذوعها وأصناف أنوارها وأَزهارها، واختلاف أشكال ثمارها في تفرُّقِها واجتماعها، ثم ما نيط بها من الانتفاع على مجرى العادة مما يسميه قومٌ: الطبائع؛ في الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، واختلاف الأحداث التي يخلقها اللَّهُ عقيب شراب هذه الأدوية وتناول هذه الأطعمة على مجرى العادة من التأثيرات التي تحصل في الأبدان. ثم اختلاف صور هذه الأعضاء الظاهرة والأجزاء الباطنة، فالأوقات متجانسة، والأزمان، متماثلة، والجواهر متشاكلة.. وهذه الأحكام مختلفة، ولولا تخصيصُ حُكْم اللَّهُ لكل شيءٍ بما اختصَّ به لم يكن تخصيصٌ بغير ذلك أولى منه. وإنَّ مَنْ كحَّلَ اللَّهُ عيونَ بصيرته بيُمْن التعريف، وقَرَنَ أوقاته بالتوفيق، وأتَمَ نَظَره، ولم يصده مانع. فما أقوى في المسائل حُجَّتَه! وما أوْضَحَ في السلوكِ نَهْجَه!.
إنَّها لأقْسَامٌ سَبَقَت على مَنْ شاءَه الحقُّ بما شاء.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10